إنَّ كلمة المعزز الحيوي "Probiotic" هي كلمة يونانية الأصل
وتعني Pro (لأجل) و bios (الحياة) أي "لأجل الحياة" . أُستُعملت هذه
الكلمة بالأصل من قبل Lilly و Stillwel (1965) لوصف العوامل المُشجِّعة للنّمو والمُنتجة
من قبل الأحياء المجهرية ولكن فيما بعد فإنَّ Parker (1974) عَرَّفَ المعزز الحيوي
على أنَّه الأحياء المجهرية ، أو النواتج الأيضية التي تُساهم في موازنة النبيت
المعوي (الفلورا المعوية) (Intestinal microflora) ، في حين أنَّ Crawford (1979) عَرَّفَ المعززات
الحيوية على أنَّها مزرعة لأحياء مجهرية حيّة مُعيَّنة ، بشكل رئيس (Lactobacillus
spp) ، والتي
تستوطن في أمعاء الحيوان لتضمن الاستيطان السريع والفعّال للأحياء المجهرية
المفيدة في الأمعاء .
Fuller (1989) ناقش التعريف الذي وضعه
Parker (1974) واعتبره واسعاً جداً
لكونه لا يتضمّن مزارع ميكروبية وخلايا ونواتج أيض فقط ، وإنّما يشتمل على
المضادات الحياتية أيضاً ، لذا فإنّه أعاد تعريف المعزز الحيوي على أنَّه إضافات
غذائية ميكروبية تؤثّر على الحيوان بصورة إيجابية عن طريق تحسين التوازن الميكروبي
لقناته الهضمية . والتعريف الحالي المُعتمد من قبل مُنظمَتي FAO/WHO هو أنَّ المعززات الحيوية (Probiotics) هي كائنات مجهرية حية وفي حال
إعطائِها بكمّيّات ملائمة للمضيف فإنّها تمنحه فائدة صحية
.
نبذة تاريخية
عن استخدام المعزز الحيوي
في مجال الأبحاث العلمية الحديثة يعد
العالم ماجنكوف (Metchnkoff) هو الرائد
في دراسة دور الأحياء المجهرية في القناة الهضمية ، الذي حصل
على جائزة نوبل عن كتابه الموسوم (إطالة عمر الإنسان) " The
prologation of life " ، إذ
لاحظ أنَّ معظم الشيوخ المعمّرين في شمال بلغاريا يشتركون في عادة غذائية موحّدة وهي
كثرة تناولهم الحليب المتخثّر (اللبن الرائب) ببكتريا Lactobacillus acidophilus التي تستوطن القناة الهضمية وتمنع الآثار السلبية
لإفرازات البكتريا الضّارّة وبهذا فإنّها تحافظ على صحة هؤلاء المعمّرين .
إنَّ افتراض ماجنكوف حول قابلية بكتريا Lactobacillus acidophilus في منع الآثار السلبية للبكتريا الضَّارّة قد أدّى إلى ازدياد الدراسات حول كفاءة هذه
البكتريا ، إذ أشار Stern و Storrs (1975) إلى أنَّ الرواج
المبكّر لهذه الفرضية قد وصل إلى ذروته في الولايات المتّحدة في مُنتصف الثلاثينات
ثمَّ بعدها تضاءل الاهتمام بهذا الموضوع وخصوصاً بعد الحرب العالمية الثانية ، إذ
تمَّ استخدام المضادات الحياتية وكانت في حينها فعّالة جداً ، حيث كانت تعمل على
تحطيم كل الأحياء المجهرية الموجودة في القناة الهضمية (Mannheim ، 1951) ومنذ ذلك الحين
استُخدمت المضادات الحياتية مع الدواجن بصورة واسعة بوصفها عوامل مساعدة لتحسين
النّمو وكفاءة تحويل العلف . ولكنَّ الاستخدام الواسع والطويل للمضادات
الحياتية كعوامل علاجية وكمحفّزات للنّمو منذ العام (1950) أدّى إلى تزايد القلق
فيما يتعلّق بتطوّر مقاومة المُستعمرات الميكروبية ، ممّا يجعل من الصعب معالجتها
بالمضادّات الحياتية لاحقاً ، وكذلك حصول ترسيب لتلك المضادّات الحيوية في
المنتجات الحيوانية ، التي تنتقل إلى الإنسان عند استهلاكه لهذه المنتجات ، كذلك فإن استخدام
المضادّات الحياتية لا يُقلّل من فعّالية الأحياء المجهرية المرضية وحسب ، وإنّما
الأحياء المجهرية النّافعة أيضاً .
ونتيجة لما سبق فقد تزايدت الضغوط من قبل
الجماعات المعارضة لاستخدام المضادات الحياتية كإضافات غذائية . ومنذ ذلك
الحين (منتصف الخمسينات) كانت هنالك زيادة بطيئة في الدراسات المتعلّقة باستخدام
الأحياء المجهرية للإنسان من جهة وللحيوانات من جهة أخرى . لكن بعد حدوث
وباء (داء السالمونيلا) في حقول الدواجن في أمريكا خلال الثمانينات من القرن
الماضي وفشل محاولات السيطرة عليه باستخدام المضادات الحياتية ازداد الاهتمام مرّة
أخرى باستخدام الفلورا المعوية .
واعتباراً من كانون الثاني لعام (2006) تَمَّ منع استخدام المضادات الحياتية
كإضافات غذائية من قبل الإتّحاد الأوربي (European Union) وبهذا فإنّ
جميع الدول التابعة للإتّحاد الأوربي قد طُبِّق فيها قرار المنع ، كذلك
فإن هنالك نقاشات حول حظر استعمالها كإضافات غذائية في الولايات المتّحدة أيضاً ، وجهود مبذولة
لأجل حظرها في العديد من البلدان الأخرى . وكنتيجة لذلك فقد ازداد اهتمام الباحثين بشكل كبير
بإيجاد بدائل آمنة وفعّالة للمضادات الحياتية ، والمعززات
الحيوية كانت أكثر هذه البدائل دراسةً من قبل الباحثين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق